ابحث عن شيءٍ هنا

الثلاثاء، 31 مايو 2011

ثمةَ ضوء !










مدخل: 

هناك من لا يعرف الضوء ، لأنه اعتاد أن يعيش في العتمة !

لا أعرف ماذاك الشعور الذي انبثق فجأة من أعماقي ، كأنه المصباح المتدفّق بالنور   وسط الظلمة ، مواقف كانت تزعجني ، و كلمات لم ترق لي يوماً ، كنتُ أدرِك بأنها لا تناسِب عقلي و لا تنسجم معها بصيرتي ، إلاّ أني لم  أعلم كيف أفسّرها ، و لماذا كان شعوري في كل مرة يأتي مناقضاً لها ، أسئلتي الصغيرة القافزة في كل مرة من جوف عقلي ، كانت تؤلمني حين لا أجد لها إجابة ، و لكن استمرارها على هذا النحو من القفز ، كان كفيلاً بعد عون الله في كشف حقيقة أحاسيس كنتُ أحسبها  ألغازاً لا حل لها ، و رموزاً ترتسم أمام ناظري لا أستطيع فكها ! إيماني التام بأن الباحث عن الحقيقة هو إنسان يستحق العيش كان إيماناً يدفعني للبحث و التساؤل أكثر ،  العيش في الحياة التي تستحق وجودنا داخل إطارها اللامحدود ، الحياة التي تريدنا لا نريدها و حسب  ، تريدنا نفوساً كريمة و أرواحاً تتنفس الوعي .
كنتُ دائماً أصر بأن الباحث عن الحقيقة سيجدها ، و الساعي إلى الهدى سيهتدي . و الهدى طريق ، طريقٌ طويلٌ جميل نقطف منه الأزهار و نستنشقها ، و سبيل يكشف لنا في كل يوم حقيقة كنا نبحث عنها بخوف و توجّس .قد لا أكون اهتديتُ إلى كل أجوبة أسئلتي ، و لكن بعض المواقف تضيء لنا جزءً من البصيرة ، و في كل وقفة تستوقفنا على طريق الهدى ، نعيش عمراً جديداً مديداً و إن كان قصيراً ، العبرة في فهم الحياة و استشعار النعم و استبصار الحقائق لا في طول السنين التي نتقلّب داخلها !
 عظيم أن نفهم حقيقة الأشياء و المشاعر و الأفكار من حولنا، كل إنسان بجانبنا، يقف هنا ، أو ربما هناك ، هو فكرة ! شعوره فكره ، رأيه فكره ، حبه فكره ، كرهه فكره ، جماله فكره ، و قبحه فكره ، حين نصل إلى عمق تلك الأفكار المتخبّطة داخل النفوس ، سنحصل على نتيجة مذهلة ، و هي أن نحيا كما نحن .لا تيأسوا من طول البحث عن أجوبة لأسئلتكم ، فلتسعوا إلى الهدى لتهتدوا .

اليوم أدركتُ الكثير ، حين و صلت لعمق فكرة أحدهم ، و تعرفت على الدافع و راء ردود أفعاله ..


..

مخرج ..

ابحث عن المصباح ، و استمد طاقتك من أعظم مصدر / الله .

و فتش في الظلام ..
فثمة َ ضوء 

الأحد، 1 مايو 2011

الآلام العظام تصنع الآمال العظام



قيل بأن الإبداع يولد من رحم المعاناة :)



بتهوفن العازف الألماني الشهير، صاغ أجمل الألحان ، و لم تكن بداية تعلّمه جميلة حقاً كعزفه ،فقد كان يتلقى معاملة قاسية جداً من أبيه السكّير و كان يُرغم و هو صغير السن على تعلّم الموسيقى و عزف البيانو لأن والده يرغب في أن يكون ابنه عازف بيانو كأحد العازفين المشهورين في عصره ، فقد كان يتعرض للضرب إن حاول أن يفوّت درساً واحداً في تعلم العزف على البيانو ، و توفي والده و هو في عمر السادسة عشرة و اضطر أن يحمل مسؤولية رعاية الأسرة على عاتقه ، و هو الذي أصيب في أواخر عمره بالصمم ، و خلال هذه الفترة انهمرت أجمل معزوفاته ..

أكاد أجزم بأنه لا عظمة بلا محنة تسبقها .. بل و محن .. في كل مرّة أتوانى فيها عن السير في الطريق الذي اخترته ..  أفكر مرة أخرى ما مدى تساوي علو همتي مع علو هدفي .. إنّ هدفي عالٍ بلا شك و إلا لم أكن أضعت وقتي في التجهيز للوصل إليه .إلاّ أنّ الكثير يعول نجاحات الأفراد إلى بيئة خصبة تحتوي قدراتهم و تسقيها و تنميها، لا غبار على ذلك و لكن ليس على كل حال بل في أقل الأحوال . فعندما نمعن النظر في حياة عظماء التاريخ نجد بأنّ ما كان يميّز بدايات حياتهم هي الآلام العظام حتى أصبحت مع إيمانهم و تدريبهم الآمال العظام ، فالآلام لها فوائدُ ثمينة إن علمنا كيف نتعامل معها .. أول فوائدها : اكتساب القوّة و إحدى فوائدها التحدي ، وأهم فوائدها الشعور بالآخرين والذي قلّما يمتلكه أحد ، فشعورنا بالآخرين و تحسس آلامهم و معاناتهم يرجع إلى كوننا ذقنا طعم الألم وتجرعنا مرارته و إن اختلفت الآلام في أشكالها و مضامينها ، فذلك كله سيكون كالوقود الذي يشحنُ أفئدتنا و عقولنا لعمل شيء يخدِم مجتمعاتنا بل و أمة بأكملِها . الآلام تربينا و تجعل منا أفرداً أكثر نضجاً .. 
فيا من ترافقهم الآلام استغلّوا الألم في اكتشاف دواء . إنّ مجرد امتلاك هذه القناعة لهو بحد ذاته شيءٌ عظيم لا يجعلنا نشعر بالضعف أو الانهزام و لا أن نختلي بأحزاننا دون أن نخرج من هذه الخلوة بشيءٍ من الأمل .
أيقن بأهميّة وجودك على هذه الأرض .. و اجعل من دموعك نهراً متدفّقاً تسقي به البشريّةُ حقولها .. احمِل في قلبِك بين حينٍ و حين آلام العظماء لا آمال الضعفاء .. و اقرأ التاريخ حتى تُدرِك بأنّ الصواعق لا تدوم بل ستسكن و تهطِل معها الأمطار .
من أجمل ما قال العازف الشهير بتهوفن في خطابه الذي أرسله إلى صديقه الأمير "ليشنوفسكي": "أيها الأمير.. إن مكانتك وإمكانياتك، ترجع إلى الحظ .. وإلى الوراثة، ولكن أنا أختلف، لأن مجدي ينبع من نفسي، ولا يوجد سوى بتهوفن واحد " .


الجمعة، 1 أبريل 2011

الفساد الإرشادي!



يعيثون في البيوت فساداً !




كلّنا يعلم بأنّ البعض قد يمر أحياناً بمرحلة يقف فيها عاجزاً عن حل مشكلاته أو تفسيرها بنفسه ،، فيتوجه إلى من يمكنه مساعدته لحلّها ، و يبحث بتفان عن شخصٍ ذو علمِ و تجربة ، و في معظم الأحيان يلجأ إلى ذوي الاختصاص ،  و هذا أمرٌ محمود صحيح ،و لهذا وِجدت مراكز الاستشارات الأسرية و النفسية ، و التي عملها في المقام الأول إرشاد و توجيه الآخرين و تصحيح مساراتهم ، و مساعدتهم على اتخاذ القرارات السليمة .و قد يتطلّب الأمر في بعض الأحيان إلى الاتجاه إلى أخصائي معالج حين تكون المشكلة نفسيّة أو سلوكية ، و في حين أنّ حياتنا غالية و استقرارنا الأسري و النفسي ثمين و يهمنا بالدرجة الأولى ، ستجد الغالبية تتحرى الدقة  في البحث عن ذوي الخبرة و المصداقية . و قد تستبعد العقول تماماً وجود مراوغين أو استغلاليين أو أصحاب نفوس دنيئة تتخصص في هذا المجال  ، فكيف للعقول أن تسلّم بذلك و هي تنشد الأمان النفسي و الاستقرار الأسري من خلال استشارة أو متابعة يقدّمها لهم صاحب المهمة . إنّ مهمةً  إنسانية عظيمة كتلك تؤمن معها العقول بأنه لا يمكن أن يستلم زمامها إلاّ ذو قلبِ رحيم و عقلٍ حكيم و شخصٍ كريم . إلاّ أن الواقع يفرضُ ألماً حقيقياً غائباً عن الوعي البشري الباحث عن الراحة و الناشد للاستقرار ، إنها حقيقة استغلال بعض المنتسبين لذلك العمل الإنساني انتساباً ذو مصلحة شخصية لحاجة أولئك الباحثين عندهم عن الحلّ لكثيرٍ من المشكلات  !
و صلني ما وصلني من المفاجآت حملها إلى مسامعي أشخاصٌ يعيشون في مجتمعنا  أفصحوا عن تجاربهم المرهقة للسمعِ و الفؤاد مع أولئك الذين خانوا الأمانة و تصرفوا بدناءة و انسخلوا من حقيقة العمل الذي يقدمونه ، ارتدوا قناع المستشار أو المختص ، والتجأ إليهم الكثيرين بعد الله تعالى كيف يجدو لهم الحلول و يقدموا لهم الاستشارة .  فاستغلوا حاجتهم أيّما استغلال ، و أولئك ليسوا بشخصياتٍ وهميّة أو هامشية ، للأسف بأنهم أشخاص لهم إسمهم و أعمالهم في المجال التربوي و الإرشادي و التطويري ،بل البعض منهم لم يكتفِ بالاستغلال ، بل دمّر حياة الأشخاص !  وقادهم إلى اتخاذ قرارات لا يستفيد منها الطامع بالحلول بل يستفيدون هم منه شخصياً بطريقة محكمة التخطيط  و أسلوب مراوغ من أجل الوصول إلى أغراض تنتفي منها الإنسانية و القيم النبيلة !!! أي مرشدِ و موجهٍ  ذاك الذي تجرأ على حمل أمانةِ مساعدة الآخرين و هو ينوي تخريب حياتهم و هدم استقرارهم ؟  مشاكلهم التي خرجوا منها بعد الاستشارة ليست بأقل من تلك التي كانت تنغص عليهم قبل الاستشارة ! بل خرجوا بخسارة ! و انعدام ثقة و قلق و خوف .
إني أنقل معاناة من أُستُغِلّوا بحاجتهم أو أموالهم أو الفتيات اللواتي تعرضن للإهانة و مس الشرف ّ! أنا لا أعمم ، فلا زالت المهنة شريفة و الناس بحاجة إليها و لن يدنسها أي متسخٍ برغباته الشخصية الدنئية ، و لكني أقف موقف الأخت و حاملة هم رسالة قلم سامية ،و التي وصلتها أحداث ضحايا المستغلين و  المنتسبين إلى الاستشارات و التخصصات النفسية و التربوية و التدريبية أيضاً و في الحقيقة هم من يحتاجون إلى ترشيد و إعادة تأهيل ! بل إنّهم عارٌ كبير على تلك المجالات الانسانية ، يرتزقون منها باستغلال حاجة البشر . هنا دورنا ، دور الكاتب الصادق ، دور المستشار الصالح ، دو المعالج الأمين ، دور التربوي المخلص ،  درو المسلم الحقيقي ،دور مراكز الاستشارات ، دور المؤسسات التربوية  في نشر الوعي و تحديد مهام المختص و اكتشاف المخادعين و إبراز فقط من يستحق الإبراز .
عليناً أن نثير هذا الأمر ولا نهمّشة ، و نطوّع الأقلام لنشر الوعي ، لأنّ التوعية تحد من انتشار أولئك الكاذبين و استمرار ممارستهم للتوجيه الكاذب ، فإذا توقف أمثال أولئك الضحايا عن اللجوء  إليهم فستقل الحاجة إليهم و يتلاشى بريقهم المزيّف .
إنها قضية يا أحباب ، قضية لا تقل أهمية عن القضايا التي تحتاج إلى نقاش، و حوار مفعم بالمصداقية التي تدلّنا على الحلول الإيجابية المنطقيّة القابلة للتطبيق ..أرجو بأن تكون هذه الكلمات بداية  في إثارة هذه القضية التي أخذت تنتشر بشكل ملحوظ  لتصل الحقيقة الغائبة إلى كل أرجاء المجتمع ، كي يبدأ بنشر الوعي و قول الحق ، فلا فائدة من ذاك الصمت الذي  يعيشه ضحايا الاستغلال الإرشادي .

الثلاثاء، 29 مارس 2011

بالقرب من بقعة ضوء !




هي : لا تنتظر بقعة الضوء عندي ..
هو : لماذا ؟
هي : لأنني ببساطة لا أمتلِكُ مفتاحاً لأحلامِك
هو : و أحلامك ؟
هي : أحتفِظُ بمفتاحِها عندما تكون خارج نطاق حياتي .
هو :و عندما أكون داخل النطاق ؟
هي :تنتهي !
هو : ....!
هي: لأنّك لا تمتلِكُ إلا حلُماً واحداً
هو : أيّ حلمٍ تقصدين ؟
هي : ذاك الذي جعلك تبحث عن بقعةٍ ضوءٍ عندي
هو : أتقصدين حلم امتلاكك ؟
هي : ربما
هو : تقصدين نعم
هي : فسرها حسبما يرتضي حلمك الوحيد !
هو : هل تعاقبينني ؟
هي : لا
هو : تشمتين بي و بحلمي الذي أضعتُ مفتاحه عندكِ ؟
هي : بالطبع لا و لا يحق لي أن أشمت بك و أنا لا أملك أصلاً مفاتح أحلام الآخرين .
هي : هل أنا أنتمي للآخرين الذي لا تشاركينهم الأحلام ؟.
هي : اسمعني أنا أشارك الآخرين -و أنت منهم- أحلامهم كي تتكاثر .
هو : و أنتِ ؟
هي : أحلامي لا ترتبِطُ بنفسٍ بشرية
هو : هل تحلمين معي ؟
هي : بالطبع
هو : أمِن أجل أن تعود الأحلام ؟
هي : لا
هو : لماذا ؟
هي : من أجل أن أمتلك الآلاف منها ، لهذا إن خرجت أنت منها فلن يضيع المفتاح !
هو : أمن أجل أنّ حلمكِ بإيجادي تحقق ؟!
هي : لا
هو : متى تجيبين بنعم ؟
هي : علّي لا أجيب بنعم و أنت ما زلت تلتمسُ هنا بقعة ضوء تجدُ معها مفتاحك .
هو : هل تعيشين في الظلام ؟
هي : لا
هو : هلاّ تخاصمين لا من أجلي ؟
هي : لا ، ليس بعد أن تدربت على قولها مراراً
هو : أمن أجلي تدربتِ ؟
هي : من أجلي أنا
هو : و أحلامك ؟
هي : أخبرتك بأني أمتلِكُ الآلاف من الأحلام
هو : و أنا ؟
هي : حلمٌ واحد
هو : لا يعنيكِ ؟
هي : بالطبع يعنيني ولكن دخولك حياتي حلمٌ واحدٌ من تلك الآلاف .
هو : و خروجي ؟
هي : لن يضيع معه المفتاح !
هو :هل سأجدُ بالقربِ منكِ مفتاحي ؟
هي : لا تبحث عنه بل أخلق جديداً .
هو : لماذا ؟
هي : لأن الأحلام لا تقتضي منك ثمناً إنّما عزماً ،فاقتني منها ماشئت فإن رحل منها واحدٌ بقي لك الكثير .
هو : و حلمكِ بامتلاكي ؟؟
هي : عفواً .. حلمك أنت امتلاكي
هو : و أنتِ ؟
هي : لم أحلم يوماً بامتلاكك كي لا تنتهي أحلامي عندما تفارقها .





الاثنين، 28 مارس 2011

لوحةُ الأحلام




لفتة جميلة تستوقفنا و تبشر بجيلٍ صاعد ذو مواهب متعددة و آمالٍ عديدة .. تارةً نقف على كلمة و تارةً أخرى على صورة .. و أحياناً تستوقفنا بصمة .. و ما زلنا في تفاؤل ينقلنا إلى أفقٍ أرحب  يشفي صدورنا بأفرادٍ قد يحققون مالا تحققه مجتمعاتٌ كبيرة .. السير بثقة و فق طموحٍ  أو هدف .. و غاياتٍ سامية و نوايا نقيّة كلّها تكوّن مزيجاً من الألوان البديعة ترسمُ لنا لوحةً ذات همّة و علوّ .. إلاّ أنّ تلك اللوحة قد يخلو جزءٌ واضحٌ فيها من الألوان، و تحتويها زاويةٌ غامضة تزعجُ بعض الناظرين .
تمر عليها الأيام و الشهور فيعتليها الغبار ، و تغدو الألوان باهتةً تنتظرُ يد الرّسّام كي يُنعِشها و يضيف عليها اللمسة الأخيرة التي لم تكتمِل معها خطة الأهداف .كان حلُماً ذاك الذي أبدع الرّسام خطواته بريشته ، و تفانى في تنسيقه و انتقاء ألوانه ، حتى أصبحت اللوحة تعجّ بألوان الطيّف ذات الدلالات المختلِفة ، تمادى في رسم الأحلام ، لوحةً تلو لوحة ، اعتنى بمظاهر لوحاته ، و لكنّه مازال في كل مرة يترك فيها زاويةُ غامضة ، يحتار في أمرها المختصون ، و تبقى بقعٌ بلا لون كتجاويف مزعجة على سطح الحياة .
كان يعلمُ تماماً أنّ لوحاته جميلة و لكن كان ينقصها شيء و لكنه لم يعلم ما هو بالضبط ، في كلّ مرة كان يعود فيها إلى لوحاته بعد مدة طويلة ، يرى ذرات الغبار قد غطّتها و ملأت الفراغات ، ثم يلحظ بأنّ هناك زوايا في لوحته بلا ألوان ، كانت شفافة معتمة كالزجاج حين لا نمسحه فلا نرى من خلاله .
فكرّ بأنّه قد يحتاج إلى نظــّارة ، فحاول جاهداً الحصول على نظارة حياتيه من مختص ، فعندما ارتدى النظارة، اتضحت الرؤية ، فعلِم أنّ كل ما يحتاج إليه هو الرؤية الصحيحة ، كي يلوّن الفراغات باللون المناسب ، ويحيي لوحاته الميتة من جديد و يبعث روحها التي طُمِست مع الغبار .
 تلك الرؤية  التي تجعل ُ من الأحلام المحلّقة طموحاً واقعياً يُغرسُ في أرضِ حياته ، ليجني منه الكثير من الثمار  الحلوة ، عاد لينعِش لوحاته الرتيبة، و يحدد الألوان و يحدد المضمون ، ويُكمِل النقص ، حتى عادت لوحاته تسر الناظرين ، و لم يعد بحاجة إلى رسم أكثر من لوحة و ملئها بالألوان في كل مره ، فهو يعرف أي الألوان تناسب أي اللوحات .
نحتاجُ كثيراً إلى أن نعرف ماذا نريد ، إلى أين نحن ذاهبون ليس فقط في الغد أو بعد عام ، إنّ الرؤية السليمة نحتاجها كي نعرف أين سنكون بعد أعوام ، هي التي تحدد لنا الأهداف التي نرسمها ، فلن تكتمل لوحة الأهداف إلاّ برؤية ، و لن يكون الحلم طموحاً إلاّ باتضاحها ، نحن نحتاج إلى الأحلام كي تغذّي شريان الحياة ، و لكنّها ستضل أحلاماً عندما تتعدد ولا تُحدّد ، و نحتاج للثقة و اليقين كي تكبر أحلامنا فتصبِح طموحاً نعمل من أجله ، و الأهم من ذلك علينا أن نحدد نوع الأحلام على لوحة الحياة تماما كنوع الألوان على لوحة الرسام ، و أن لا نهمِل تجديدها و اكتشاف نواقصها ، حتى لا تنطفئ شعلتها ، و ننسى ماذا كنّا نريد ، و ماذا  رسمنا ، بين حينٍ و حين نخلو بلوحاتنا و نتأمّلها .


الاثنين، 21 مارس 2011

يهدي إلى البر

(ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )



وقفت موقف المتأملّ المتألّم في حال الصدق في أوساط حياة الكثيرين ..
ثم وقفت وقفةً مستقطعة لأمعِن النظر في مسألة المبادئ و القيم الإسلاميّة !
الصدقُ في حياة الكثيرين لا طائل منه سوى حين يتصدر أفعالهم بعفوية ، ليس بغرض الصدق إنّما هي أتت هكذا دون وعي احتساب الأجر في كل إتباع و تسليم !
فالصديقُ يكذب كي تستمر الحياة !
و الزوجة تكذب كي تستمر الحياة !
و الابن يكذب كي تستمر الحياة !
و الصحافة تكذب كي تستمر الحياة !
و الحكّام يكذبون كي تستمر الحياة !
و الشعب كله يكذب كي تستمر الحياة !

و لم يعلموا أن الضمير لم يعد حياً ، بل مات منذ زمن و تآكلت قواعده ، و تعفنت مقاصده ، و تبرأت مِنه صفات الصادقين !
في كل مكان أشتم رائحة الكذب تخرج من رغيف حياتهم المعجون بأغراض دنيوية بحته ، خشوا أن تضيع منهم و استعجلوا في عجنها و من ثم خبزها بحجة أن يحصلوا على كعكٍ لذيذ و لكنهم لن يحصلوا إلاّ على رماد ، فالخليط غير متقن و قد يكون مسموماً ! و هناك من مارسوا الافتراء  على الصدق بزعم أنّ الحياة تستمر بالكذب ، و لكنها واقفة منذ زمن ، و تدور في كل مرة على نفس البقعة الخربة ، فهل ستزدهر الحياة بمخالفة منهج الله ، و تنطفئ بإتباع نهجه ! إنّ من يعتقد بأن الكذب خير وسيلة لاستمرار الحياة فقد تنازل عن كثير من القيم الإسلامية و الخصال الحميدة بحجة أن تستمر الحياة !
فماذا ستصبح حياته بعدها بلا قيم و لا مبادئ ؟
كالبيت الخرب المتهالك الآيل للسقوط في أي لحظة !

" عليكم بالصدق فان الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب ، حتى يكتب عند الله كذابا.  "


الثلاثاء، 15 مارس 2011

قِصصٌ قديــمة









ماتت فيني كل القصص القديمة
كل أوجاع الهوى
كلّ أوهام الصبا
كلّ أشياءٍ كانت تعنيني

كلّ أشخاصٍ كانوا ملائكةً
تؤنسني
كلّ أحلامٍ
تسليني

ماتت كل الأغنيات القديمة
التي كنتُ أسمعها
كل القصائد الشاعريّة
التي كنتُ أنشدها
كلّها الآن تتعبني
و تضنيــني

اتسعت كلّ المساحات الضيقة
و ابتعدت كل المسافات التي كانت
من الأصحاب
تدنيني

كلّ قناعاتي التي تشكّلت
الآن تفككت
و الصمتُ يضجّ في أذني
بين الليلة و الليلة
يقرع أذني صدى الوحدة
يزعجني
و يشقيني

قصصي لا أوراق لها
كما كانت
في رفقٍ أقلّبها
في ورعٍ أرتّلها
الآن ضائعة
تكتبُ بلا أملِ
وتــُقرأ على عجلِ
و تطوى صحائفها
و الأقلامُ تفضحني
و لا حرفٌ يواسيني !

لا ألوانَ تملؤها
و لا أشجان تبرِزُها
كلّها أبيضٌ و أسودٌ
و بعضُ الماءِ
و الطينِ !

ماتت مفاتِنُها
واختفتِ الآهاتُ من نفحاتها
و تشتت مذاهبها
فلا أرض تحمِلها
و السقفُ بالٍ يخرٌ دمعاً
و دمع الشعر يكفيني !
لا أخبار تميّزها
لا أسرار تثيرُ فضول المتطفلين
و لا حباً يرش الماء على جسدي
فيسقي قريحتي
فتروي بساتيني !
إليكم قصصي التي كانت تشدّ مسامعكم
تقر بها أعينكم
ماتت
كفّنوا أبطالها
و ترحّموا على كلماتها

ماتت في قصصي
كل أوجاع الهوى
كلّ أوهام الصبا
كلّ أشياءٍ كانت تعنيني
كلّ أشخاصٍ كانوا ملائكةً
تؤنسني
كلّ أحلامٍ
تسليني
اخترتُ أحلاماً جديدة
و أوهاماً عديدة
علّها تعجبكم
أو أجددها
أو ألحقها
فتعفيـــني !




الخميس، 3 مارس 2011

هي جـنـة ٌ


فكرٌ قد يورث الوهن !



إنّ مجرد التفكير بأن ما يصيب الأمة من وهنٍ و تراجع هو جراء مؤامرات صهيونية أو تدخلات علمانيّة هو بحد ذاته تخدير للهمم و عثرة في طريق الوصول إلى النهضة . و للأسف بأن بعض الدعاة يروجون لهذه الفكرة مما يجعل بعض الشباب بدل أن يفكروا في كيفية النهوض بالأمة من جديد، يشغلوا تفكيرهم في كيفية صد تلك الجهات التي تنظّم تخطيطا كاملاً لإضعافنا، لن ننكر وجود بعضها ، و لكنها لن تتغلب إن وجدت عالماً عربياً إسلامياً متماسكاً لا يسقِطه هجومٌ فكريٌ ضعيف . و  الكل يعلم بأن وهن الأمة منبعثٌ من داخل نفوس المسلمين الذي خشوا مؤامرات العدو و لم يخشوا تراجع قيمهم و حضارتهم !و إن الأولى بنا أن نفهم وسائلهم و كيفياتهم في نشر فكرهم و رسالتهم الممزقة، كما فعل الكثير من غير المسلمين حين كشفوا نقاط ضعفنا و ركزا عليها و استمالونا إلى نظريات ماديّة مجردة من العمق الإنساني و الروحاني الذي خُلِقنامعه! و كان الأحرى بنا حين كنّا و مازلنا نؤمن بأعظم الرسالات أن نكشف مواطن ضعفهم و نصل إلى مراكز اهتزازهم من أجل أن نبلّغ فكرنا الإسلامي القويم على أكمل وجه. شغلنا بالتوجّس من احتماليّة أن تصح شكوكنا في أمر المخططات ، و نسينا أن نؤمّن تلك الدروع الحصينة التي لن يصل إليها بشر لو شكّلناها بعزة الإسلام ، و تأسينا في سيرنا بالحكمة التي نطق بها عمر بن الخطّاب( كنا أذل قوم, فأعزنا الله بالإسلام, فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ).   
لا ينشغل بعدوه إلاّ من أعطاه مساحةً كبيرة من اهتمامه ، و إن وضعنا تلك المساحة فنحن نرحب له بالتواجد فيها ، و إنّ الحضارة القويّة المنهج لا تخش من شقوق صغيره يفتعلها فاسد خارج إطارها ، و مهما زعمنا من مزاعم فلن نصل إلى النهضة الحقيقية من دون فهم عميق للمنهج الإسلامي  و وظيفته في رفع مستوى الحضارات .
نحن نعود إلى الخلف من نفس الدائرة التي سارت عليها شعوب سبق و أن تخّلفت ، فبحثت عن مناهج تسيّر بها حياتها ، و قد تكون وصلت إلى التقدم العمراني ، و لكنّها- و إن لم تكشف -ما زالت تعيش حالات مضطربة من عدم الاتزان النفسي و الروحي ، لأنّ مناهج بشريّة هزيلة لا يمكن أن تقوم بعمل منهج رباني متكامل. لماذا نسمح بأن يتصيد الآخرون أخطاءنا و نحن أمّة  تمتلك منهجاً قويماً فرّطت به ، بينما يحاولوا أن يُظهروا أجلّ الصور و أكملها عن حضارةٍ مزخرفة الجدران متهالكة الأركان !
نحن نحتاج بالفعل إلى فهم عميق لماهيّة الحضارة و أسبابها ، و معرفة تامّة بضعف دول توهم مجتمعاتها بأسباب التّفرد و السلطة على حساب الفرد الذي يعيش من أجل مصالح دوليّة لا من أجل تخليد أمّة !
 بأيدينا أن نصنع حضارة تبعثُ المسلمين من تحت ركام المفاهيم التي توارثتها وهناً عن وهن ،عندما نخرج من بوتقة التبعيّة و أوهام الهجوم و المؤامرات و نعي بأنّ مشكلتنا فكريّة روحيّة قبل أن تكون مدنيّة .

الأربعاء، 23 فبراير 2011

إيـــمـــان


كانت اللقيا ،، و كنتِ أنتِ التي تلقّفتني من بين فوضى الذكريات ، لأبدأ رحلة الأصدقاء و أكتشِف معكِ بعداً آخر يعبَقُ بعطرِ الحياة .. 


كانت اللقيا هبةٌ تنزلت تسمو بها روحي إلى سماءِ الأوراح المباركة ، أذكرُ كم أنّ الكل كان يطمعُ بسويعاتٍ يقضيها معكِ ، أتذكرين مديرة الدار و غيرتها ، كلّما تذكرتُ مواقفنا ابتسمت ، أتذركين كم استقبلتِ كل طيشي و تمرّدي بقلبٍ حنون ، أذكر تماماً أنكِ كنتِ تقولين لي : " أعلم يا نوف أنكِ سوف تعودين إلى رشدك " ..


رغم ابتعاد المسافات بيننا إلاّ أنكِ كنتِ تسكنين معي روحاً ، و أعلم بأني كنت كذلك أيضاً ، رحيلك لم يزد بعد المسافات طولاً بالنسبة لي و لا بعد الأرواح نسياناً ، رحيلكِ يحرّك فيني شجناً استشعرته في حروفك ، لأوّل مرّه أشعر بانتقال رعشة الحزن الذي يسكنك إلى قلبي ، ما يحزنكِ يحزنني و ما يفرحكِ يفرحني ...



دموعي كانت الأسبق في فضح المكامن ،كلّ ما أشعر بأنّ لدي رغبة في قوله : " أحبـــك " ،و أحب أن أراكِ سعيدة ، ترفلين بالفرح ،و تغمرين قلوب من حولكِ به ،روحي .. إنّها أول البدايات الجميـــلة و خالقي ، لا تنزعي مصل الأمل الذي منذ عرفتكِ و هو ثابتٌ في كيانك تغذّين به شرايينك

و ربي
أنــّي كنتُ و ما زلتُ أراكِ مثالاً للصبر
صامدةٌ أنتِ في مهبّ الانتقالات

حبيبتي

البشرى
البشرى

هي الوعد القادم

(( وبشر الصابرين ))




.....






أخبرتني بأنّ الأمسَ مات
و أنا عدتُ ألملم لوعتي
أقي أيامي أسر الشتات
و أنّ الوعد جاء
يلوّح لي من بعيدٍ
يحمٍلُ أمتعة الذكريات
و يمزجُ لي آخر نكهةٍ
من طعم اللقاء

بأيّ الأحلامِ أشربُها
و بأيّ أمنيةٍ
أجمعُ الفتات
و أي أغنيةٍ تبعثُ تاريخ
الأماني الراحلات ؟

أخبرتني أنّ الوعد حان
و أنّها لم تُطِق بُعد المكان
و أنّ الرحيل وحشيٍ
يقطّع شرايين الحياة !

تلوّنت الأشياء من حولي
و تاهت فيني 
صور الأيام الخاليات!

آهٍ يا إيمان
إنّ الوعد حان
و أنا مازلتُ أتملّق ماضٍ جمع أرواحنا
و أفتّشُ عن قدرٍ آخر يحمِلُني
إلى نفس المكان !

هل رحلتِ يا إيمان ؟
و أنا التي تمرّدت أحلامي بلقيا جديدة
 تعيدُ رسم ماضينا
بأبهجٍ الألوان !

لم ترحل يا إيمان
فنسمات روحكِ
توغلّت في حنيني
و الشوق يحيينا
يقتل وهننا
يخلّد حبّ أختان !

آهٍ يا إيمان
خذي بعضاً من صبري
أقنعي به الأيام  أن تتمهّلَ
توسلّي إلى الحقيقة
بأن لا تتعجلَّ
و سامحيني يا إيمان ..
سامحي روحي لأنّها لا تعرفُ التحليق
بعيداً إليكِ
و لا تجيد الطيران !

سأملؤ القلب حمداً
سأكتِبُ الشوق شعراً
سأمجّد أول تاريخٍ
حملنا على مر الزمان !

البشرى يا إيمان
تشفيكِ فتشفيني
 و تمنحُ توجّسنا
بعضاً من أمان

البشرى يا إيمان
فعظيمةُ الصّبر
تبشِرُ بالجنان .





الأحد، 20 فبراير 2011

أنا مصر ..


تقييد الحريّة بانطباعات شخصيّة



لكلٍ مفهومه للحرية ، و بناءً  على المفهوم الذي يتبناه الفرد يطالب بها ، كلٌ يطالب بالحرية وقد نسوا أن المجتمع ما هو إلا أفراد ، و أن الأفراد هم من يوسّع مساحة الحرية أو يضيّقها ، ما لذي يبحث عنه من  يناشد بـ(حريته) و هو أول من قام بوضع حدود واهية معرقلة تحد من مطالبة الآخرين بها ! 
تباين مفهوم الحرية عند كل شخص و تعدد المفاهيم و تباعدها و إدعاء فاعلية الحرية المطلقة و عدم فهم معناها ، كل تلك الأمور أخرت من حق الفرد في العيش في مجتمع يؤمن بالحرية المباحة  التي من شأنها أن ترفع مستوى العيش لا أن تهبط به إلى الانحلال و الرذيلة، الحرية مفهوم واحد نعيش تحته و فيه، و من خلاله يمكننا أن نحافظ على خصوصيتنا و أحقيتنا في التعبير و تميزنا و تفرّدنا ، دون أن نحدث ضجة للتوصل لمفهوم ذاتي لا يخدم مجتمع كامل بل يدعم فكر ذاتي أو رغبة شخصية ، فحين التحدث عن مصير مجتمع ، يجب مراعاة العموميات لا الخصوصيات ، بخلاف ما يحدث من صراع بشأنالحرية الشخصية و كيف ينبغي أن تكون .
 إن احترام حرية الأشخاص ينبع أولاً من احترام المجتمع لمفهوم الحرية و تطبيقه على الأفراد ، بل و العيش معها و كأنها جزء من الحياة الاجتماعية و لا تخرج عنها بل هي كذلك، و إلا تم تقييد الأفراد حسب أيدلوجية معينة تكونّها ثقافة اجتماعية أساسها تقاليد متوارثة  و حسب ، أو قد يسبب ذلك التقييد استنباط الناس لمفاهيم ذاتية للحرية قد تحدث صراعاً بين أفراد الجيل الواحد و فجوة بين جيلٍ و آخر. و في أي مكان إذا لم تتحد الرؤى غابت الأصالة و تأخر تحقيق المبتغى إن كان هنالك رؤى واضحة في الأساس . في الحقيقة ما دفعني لكتابة ذلك الرأي _ الذي أتمنى أن لا أكون أيضاً انحزت به لشعور ذاتي و حسب _ هو رؤية شخص للحرية على أنها العبث و المهاترة و التعصّب لنادي معيّن و التلفظ بالألفاظِ التي يريدها ، بحكم أنه يحق له أن يعيش كيفما يشاء ، بل و يقول أن هذه المتعة التي ينشد إليها و يناشد المجتمع بها .


علامة تعجّب !








! علامة تعجّب كبيرة لكل من يفعل ما لا يقول
! علامة تعجبّ لكل من يجرأ على ارتكاب الخطأ و يعجز عن فعل الصواب
! علامة تعجّب لكل من يحكم على النّاس من ظاهرهم
! علامة تعجّب لكل من يفعل أمراً و لا يدري لماذا
! علامة تعجّب لكل من يخشى عباد الله و لا يخشى الله
! علامة تعجّب لكل من يرى أن الكذب و النفاق أفضل من الصدق و الأمانة في كسب الرزق
! علامة تعجّب لكل من يغضب من استقبال النصيحة
! علامة تعجّب لكل من رضي بأن يعيش بلا هدف
! علامة تعجب لكل من يسعى إلى إرضاء الآخرين على حساب نفسه
! علامة تعجّب لكل من يخجل من والديه و يفخر بأصدقائه
! علامة تعجّب لكل من لا يقبل الاختلاف بين الأشخاص
! علامة تعجّب لكل من يكذب و هو يعلم بأنّ الصدق نجاة !

و كثيرة هي علامات التعجب التي تتوسط عالمنا .. بين الأفكار مساحات شاسعة من الحرية لكن لا مساحة بين الخطأ و الصواب .. لذا إن تمييزهما سهلُ لمن أيقن و جود الصواب للتمسك به و الخطأ لإمكانية الوقع فيه فالحذر منه .. و صعب على من لا يحترم عقله و لا ذاته فلا يفكّر في أفعاله و يكرر الخطأ .. و كما هو معروف الفضيلة وسطٌ بين رذيلتين .. و حُسن الخلق مطلب يُسعى إليه و الفضائل بعضها فطريٌ و بعضها مكتسب ، بل الأغلب من النوع الثاني ، لذا فإنّ الإصرار في السعي على التمسك بالفضيلة عملُ يُثقَلَ الميزان و يُكسِب العبد حبّ الرحمن و يجعل الشعوب  تعيشُ بأمان .. و تمادي البشر في الخطأ لا يعني أنّ الصواب لا طائِل منه .. فالفضائل ثابتة كما الرذائل ، و لم نـُأمر بإتباع العبيد و إنما التوحيد ، و من الجهل التام و غشاوة البصيرة أن نحكُم على الحياة من أفعال البشر ، منذ متى و أفعال البشر نهجُ نسيرعليه و خالِصُ عملٍ نقتفي أثره ؟ إن التوغل في أسباب الانحلال الخلقي بلا مرجعيّة ثاقبة تحكُم على الحقيقة بالحبس في زنزانة الجهل و التمادي بالعيوب و تقبّل الذنوب ، إنّ للإنسان إرادة في كل ما يختار منذ خُلِق و في كل ما يشاء من تصحيح طبع ، بل له قدرات حباه الله بها ، و كل ما عليه هو التركيز عليها و إمهالها وقتاً و بيئةً خصبة لكي تنمو ، ليجني منها الثمار و يجني من حوله .