ابحث عن شيءٍ هنا

الاثنين، 28 مارس 2011

لوحةُ الأحلام




لفتة جميلة تستوقفنا و تبشر بجيلٍ صاعد ذو مواهب متعددة و آمالٍ عديدة .. تارةً نقف على كلمة و تارةً أخرى على صورة .. و أحياناً تستوقفنا بصمة .. و ما زلنا في تفاؤل ينقلنا إلى أفقٍ أرحب  يشفي صدورنا بأفرادٍ قد يحققون مالا تحققه مجتمعاتٌ كبيرة .. السير بثقة و فق طموحٍ  أو هدف .. و غاياتٍ سامية و نوايا نقيّة كلّها تكوّن مزيجاً من الألوان البديعة ترسمُ لنا لوحةً ذات همّة و علوّ .. إلاّ أنّ تلك اللوحة قد يخلو جزءٌ واضحٌ فيها من الألوان، و تحتويها زاويةٌ غامضة تزعجُ بعض الناظرين .
تمر عليها الأيام و الشهور فيعتليها الغبار ، و تغدو الألوان باهتةً تنتظرُ يد الرّسّام كي يُنعِشها و يضيف عليها اللمسة الأخيرة التي لم تكتمِل معها خطة الأهداف .كان حلُماً ذاك الذي أبدع الرّسام خطواته بريشته ، و تفانى في تنسيقه و انتقاء ألوانه ، حتى أصبحت اللوحة تعجّ بألوان الطيّف ذات الدلالات المختلِفة ، تمادى في رسم الأحلام ، لوحةً تلو لوحة ، اعتنى بمظاهر لوحاته ، و لكنّه مازال في كل مرة يترك فيها زاويةُ غامضة ، يحتار في أمرها المختصون ، و تبقى بقعٌ بلا لون كتجاويف مزعجة على سطح الحياة .
كان يعلمُ تماماً أنّ لوحاته جميلة و لكن كان ينقصها شيء و لكنه لم يعلم ما هو بالضبط ، في كلّ مرة كان يعود فيها إلى لوحاته بعد مدة طويلة ، يرى ذرات الغبار قد غطّتها و ملأت الفراغات ، ثم يلحظ بأنّ هناك زوايا في لوحته بلا ألوان ، كانت شفافة معتمة كالزجاج حين لا نمسحه فلا نرى من خلاله .
فكرّ بأنّه قد يحتاج إلى نظــّارة ، فحاول جاهداً الحصول على نظارة حياتيه من مختص ، فعندما ارتدى النظارة، اتضحت الرؤية ، فعلِم أنّ كل ما يحتاج إليه هو الرؤية الصحيحة ، كي يلوّن الفراغات باللون المناسب ، ويحيي لوحاته الميتة من جديد و يبعث روحها التي طُمِست مع الغبار .
 تلك الرؤية  التي تجعل ُ من الأحلام المحلّقة طموحاً واقعياً يُغرسُ في أرضِ حياته ، ليجني منه الكثير من الثمار  الحلوة ، عاد لينعِش لوحاته الرتيبة، و يحدد الألوان و يحدد المضمون ، ويُكمِل النقص ، حتى عادت لوحاته تسر الناظرين ، و لم يعد بحاجة إلى رسم أكثر من لوحة و ملئها بالألوان في كل مره ، فهو يعرف أي الألوان تناسب أي اللوحات .
نحتاجُ كثيراً إلى أن نعرف ماذا نريد ، إلى أين نحن ذاهبون ليس فقط في الغد أو بعد عام ، إنّ الرؤية السليمة نحتاجها كي نعرف أين سنكون بعد أعوام ، هي التي تحدد لنا الأهداف التي نرسمها ، فلن تكتمل لوحة الأهداف إلاّ برؤية ، و لن يكون الحلم طموحاً إلاّ باتضاحها ، نحن نحتاج إلى الأحلام كي تغذّي شريان الحياة ، و لكنّها ستضل أحلاماً عندما تتعدد ولا تُحدّد ، و نحتاج للثقة و اليقين كي تكبر أحلامنا فتصبِح طموحاً نعمل من أجله ، و الأهم من ذلك علينا أن نحدد نوع الأحلام على لوحة الحياة تماما كنوع الألوان على لوحة الرسام ، و أن لا نهمِل تجديدها و اكتشاف نواقصها ، حتى لا تنطفئ شعلتها ، و ننسى ماذا كنّا نريد ، و ماذا  رسمنا ، بين حينٍ و حين نخلو بلوحاتنا و نتأمّلها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

انثر فكرة